الحلقة الـ 40 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : كيف نستخدم النتائج المنطقية للحد من السلوك السيء للأبناء ؟
.....................................
لقد علمنا من قبل كيف نرسل رسائل واضحة إلى أبناؤنا حول الحدود التي نضعها لهم حتى لا يتجاوزوها ..وكيف نشجع تعاونهم معنا ..وكيف نعلمهم مهارات حل مشاكلهم .
إن هذه الخطوات جميعها تعد الأبناء بكل المعلومات التي هم بحاجة إليها لكي يتصرفوا بطريقة سليمة ..لكننا نعلم جميعاً أنها خطوات أولى فقط لإن أبناؤنا سيحاولون اختبار مدى جديتنا كآباء في تنفيذ ما وضعوه من حدود إذا خالفوهم ..وعندما يحاولوا أن يفعلوا ذلك فإن الكلام لا يفيد هنا ..وإنما الفعل .. أي الإجابة على أسئلتهم بأفعال ثابتة هي النتائج .
والنتائج هي الجزء الثاني والمكمل لرسائلنا التي نرسلها لإبنائنا لنوضح لهم قوانيننا وحدودنا التي عليهم الإلتزام بها ..والأفعال دائماً لها تأثير أكبر بكثير من الكلام
إذن ..كيف ندعم حدودنا لإبنائنا باستخدام النتائج التي نطبقها عليهم كنتيجة منطقية لعدم طاعتهم لهذه الحدود بطريقة واضحة ومفهومة ..خصوصاً إذا اعتمد الآباء من قبل على الأسلوب القائم على التساهل والتسامح مع الأبناء لردعهم ..
إن الأسلوب القائم على النتائج المنطقية لسلوك الأبناء السلبي سوف يساعد الآباء على التعامل بشكل أفضل مع أبنائهم ويكسبهم احتراماً أكثر منهم ..ويعلم الأبناء كيف يصغو ن لآبائهم.
أما إذا كنتم كآباء قد استخدمتم أسلوب العقاب الصارم فإن تحمل الأبناء لنتائج أفعالهم سيعمل على بناء علاقة قوية بينكم وبينهم قائمة على التعاون والإحترام المتبادل لا الطاعة بسبب الخوف منكم ..وستكونوا بذلك قد خطوتم خطوة كبيرة نحو التواصل معهم وحل مشاكلهم بإسلوب إيجابي .
إن أالأسلوب التربوي لوضع الحدود القائم على النتائج المنطقية للأفعال شبيه بالحائط الصلب الذي تستند عليه نفسية الأبناء ليشعروا بالأمان..فهو يوقف السلوك السيء لإنه يوفر الإجابات المحددة والواضحةلإسئلة الأطفال حول ما هو مقبول وما مدى مسؤلياتهم عنها ..لإنهم يتحملون بهذ الأسلوب نتائج أفعالهم التي اختاروها .
وعندما يواصل الآباء اتباع ذلك الأسلوب بانتظام في تعاملهم مع أبنائهم فإنه سيعلمهم أن يتراجعوا عن سوء تصرفاتهم ويأخذوا كلام آبائهم بإسلوب أكثر جدية .
إلا على الآباء أن يواصلوا دون انقطاع في اتباع هذا الأسلوب بانتظام يصل إلى ٦أو ٨ أسابيع على الأقل لإن أبنائهم سيحاولون اختبارهم أغلب الأحيان ..وهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستجعلهم يدركون أن قواعد وحدود آبائهم صامدة وقوية لا يستطيعون اختراقها ويعودوا إلى نفس تصرفاتهم الغير مقبولة السابقة .
ستسمع الأم تعليقات مثل " أنت غير عادلة " أو "أنت لئيمة " وغير ذلك من التعليقات التي يقصد بها الأبناء
كسر هذه الحدود لتعاملهم الأم بطريقتها القديمة .
وهو ما حاولت سناء ذات الإثنى عشرسنة من عمرها مع والديها اللذين كانا متساهلان معها من قبل ..فحاولت أن تقاومهم وتناقشهم في ما وضعاه من حدود لها ..لكنهما جلسا معها وحاولا إفهامها أن الأمور ..قال لها الأب
" حاولي أن تدركي أن طريقتنا قد تغيرت ..فنحن لن نعيد لك ولن نذكرك أكثر مما فعلنا من قبل عندما نطلب منك القيام بعمل مفترض منك القيام به..سنقول لك مرة واحدة ولن نناقشك أو نجادلك ولن نحاضرك أو نرفع أصواتنا أنا وأمك ..إذا اخترت عدم التعاون معنا .. عندذاك سنستخدم معك أسلوب جديد قائم على نتيجة عملك
..وسوف تلتزمي بتطبيقه .."
حدثت سناء نفسها قائلة " سأصدق ما يقول أبواي عندما يحدث ذلك"
و بالطبع لم تتوقع الإبنة أن والديها جادين فيما ذكراه أمامها هذه المرة .
وهذا ما حدث بالفعل ..عندما طلبت منها أمها الذهاب إلى غرفتها للبدء في أداء واجباتها ..وعندما تجاهلت سناء طلب أمها كعادتها من قبل ..ذكرت لها أمها أنها ستطل عليها بعد خمس دقائق لترى إذا كانت قد بدأت في أداء واجباتها المدرسية وعندما حاولت سناء أن تناقش أمها أو تماطل ..ذكرت لها أمها أنها ستمنحها ساعة واحدة لتنهي واجبها أو أكثر بقليل .
وهنا واجب على الأم أن تذكر لها كم من الوقت سوف تحتاج لتكمل ذلك الواجب ..وإذا لم تستجب لما طلبته منها ولم تتعاون معها فإنها مضطرة أن تعاقبها بالنتيجة المنطقية لعدم طاعتها بالنسبة لإداء واجبها المدرسي .. أي قد تحرم من الخروج مع صديقاتها في عطلة نهاية الأسبوع .
ونجحت تلك الطريقة .. رغم أن في البداية تضايقت الإبنة من الإختيارات المحدودة أمامها..وحاولت أن تقاوم ..لكنها تقبلت الأمر عندما وجدت أن لا مفر أمامها من قبوله لإنها ستكون مسؤولة عن سلوكها وليس والديها ..لكن محاولة اختبار حدود والديها لم تتوقف لأول مرة .. بل بالعكس حاولت أن تقاوم لمدة أسبوعين ..لكنها عندما وجدت أن والديها حازمين في قرارهما ..بدأ ت سناء في القول لإمها " أنت غير عادلة " أو أكرهك " لكي تشعر ها بالذنب فتسمح لها بما تريد .. واستنفذت كل محاولاتها لتعيد أمها أو أبيها إلي التعامل معها مثل السابق لكنها وجدتهما كلاهما كالجدار الصامد أمامها لا يتنازلان عن الحدود التي وضعاها لها ..وهنا تكمن أهمية التوافق في الرأي بين الأم والأب في وضع الحدود للأبناء وإلا فإن هذه الطريقة سوف تفشل وتؤذي نفسية الأبناء ويشيع الإضطراب الحياة الأسرية .
وهكذا استسلمت سناء لحدود والديها ..وبعد أربعة أسابيع لاحظ والديها التغيير في سلوكها بدأت محاولاتها لاختبار حدودهما تقل وأصبحت متعاونة أكثر وبدأت تغير اعتقادها في حدود والديها وتأخذها مأخذ الجد . وتعلم أنها ستكون مسؤلة عن سوء تصرفاتها .